الرقابة الدستورية على القوانين العضوية وآثارها على الحريات العامة
Keywords:
الرقابة الدستورية, رقابة المطابقة, القوانبن العضوية, الحريات العامة, التشريعAbstract
على شاكلة اختلاف التشريع في حد ذاته، بين التشريع في صورة قوانين عضوية وبين التشريع على شكل قوانين عادية، تختلف الرقابة الدستورية لضمان عدم حياد التشريع عن أحكام الدستور بين الطائفتين، فتسمى بالنسبة للأولى برقابة المطابقة، بينما تتخذ بالنسبة للقوانين العادية شكل رقابة الدستورية. غير أن التساؤل الذي يطرح في هذا المجال، هو مدى سلطة الهيئة المكلفة بتلك الرقابة؟ وما مدى فعاليتها في ضمان عدم الاعتداء على سمو الدستور؟ بتعبير أكثر دقة، كيف كانت رقابة المجلس الدستوري الجزائري، كضامن لمبدأ سمو الدستور، من خلال رقابته المسبقة على بعض القوانين العضوية المتعلقة بالحريات كأحد المسائل الدستورية؟ إن القول بذلك إنما هو بالأساس، حول أهمية القوانين العضوية وإيجابيتها اتجاه حريات المواطن. هذا من جهة، ومن جهة أخرى الوقوف على خصوصية الرقابة عليها قبل صدورها، وهذا على الرغم من أن هناك إمكانية لخضوع التشريعات غير العضوية لرقابة المجلس الدستوري المسبقة، وهو ما يفسر بعبارة " إما برأي قبل أن تصبح واجبة التنفيذ " الواردة في نص المادة 186 من الدستور الحالي المعدل والمتمم.
Downloads
References
(1) - تنص الفقرة الأخيرة من المادة 141 من الدستور وفق التعديل الدستوري الأخير بموجب القانون رقم 16/01 المؤرخ في 06 مارس 2016 يتضمن التعديل الدستوري، ج.ر.ج.ج عدد 14 الصادرة بتاريخ 07 مارس 2016.
على أنه:" ... يخضع القانون العضوي لمراقبة مطابقة النص مع الدستور من طرف المجلس الدستوري قبل صدوره ". ومن ذلك يلاحظ أن التغييرات التي جاءت بعد دستور 1989، (في دستور 1996) أحدثت تغييرا في تشكيلة ومهام المجلس الدستوري. فقد كانت تلك التعديلات تهدف إلى تحقيق توازن أحسن لسير المؤسسات، بإحداث نظام الثنائية في تشكيل البرلمان، بإنشاء مجلس الأمة، ونظام الازدواج القضائي، وإنشاء مجلس للدولة كمؤسسة قضائية. إضافة إلى الأخذ بمفهوم القوانين العضوية لأول مرة في التاريخ الدستوري للجزائر. وقد انعكس هذا التوسيع في تشكيلة المجلس الدستوري، وفي جهة الإخطار، وكذلك في الصلاحيات التي كلف بها هذا المجلس الدستوري. ينظر في ذلك، بوكرا إدريس، الوجيز في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، دار الكتاب الحديث الجزائر، 2003، ص 118.
(2) - وهو ما تنص عليه المادة 191 من الدستور الحالي بقولها:" إذا ارتأى المجلس الدستوري أن نصا تشريعيا أو تنظيميا غير دستوري، يفقد هذا النص أثره ابتداء من يوم قرار المجلس ". وبالتحليل لذلك، فإن الأمر يتعلق في هذه الحالة بقرارات المجلس الدستوري، وليس بآرائه، وفق ما تنص عليه المادة 186 من الدستور الحالي.
(3) - جبار عبد المجيد، الرقابة الدستورية للقوانين العضوية، الرقابة الدستورية للقوانين العضوية ورأيا المجلس الدستوري المتعلقان بقانون الأحزاب السياسية والانتخابات، المدرسة الوطنية للإدارة، العدد02 المجلد10، الجزائر 2000، ص 60.
(4) - كما أن ما يؤكد على ذلك الالتزام المفروض على رئيس الجمهورية، هو تحديد النص الدستوري للمدة التي يصدر النص الذي أقره البرلمان خلالها، وهي 30 يوما الموالية لتاريخ إقراره. مما يعني أن إخطار الرئيس للمجلس الدستوري بصدد قانون عضوي، سوف لن يتجاوز هذه المدة.
(5) - ينظر تفصيل أكثر لذلك، محمد عمرو بركات، الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة ومسؤوليته، مطبعة الإسكندرية مصر الجديدة، طبعة 2007، ص 72، 77. كما أن مخالفة ذلك الالتزام من طرف رئيس الجمهورية، يشكل حينها عيب عدم الدستورية. فلا يجوز للرئيس بأي حال من الأحوال، أن يفوض اختصاصه بإصدار النصوص التشريعية التي أقرها البرلمان، طبقا للمادة 126، و127 من الدستور لسلطات أخرى وذلك هو مفاد ما نصت عليه المادة 101 من الدستور الحالي. وبالقياس على ذلك الوضع، فإنه لا يملك تفويض سلطته في إخطار المجلس الدستوري لسلطات أخرى، على اعتبار أن نص المادة 187 جاء محددا للسلطة المخولة بالإخطار.
(6) - ذلك ما تبناه المجلس الدستوري الفرنسي في إحدى قراراته في 06 نوفمبر 1962، فيما يتعلق بالقانون الخاص بانتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع العام المباشر، والمتخذ عن طريق الشعب الفرنسي في استفتاء 28 أكتوبر 1962. وعليه تم النص على ما يلي:
« Considérant qu’il résulte de l’esprit de la constitution qui a fait du conseil constitutionnel un organe régulateur de l’activité des pouvoirs publics, que les lois que la constitution a entendu viser dans son article 61 sont uniquement les lois votées par le parlement, et non pas celles qui adoptées par le peuple à la suite d’un référendum, constituent l’expression directe de la souveraineté nationale » Décision n° 62-20, c.c le 06 novembre 1962, J.O.R.F,du 07 novembre 1962.
(7)- تنص المادة 08/2 في فقرتها الثانية من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري على أنه:"... ترفق رسالة الإخطار بالنص الذي يعرض على المجلس الدستوري، لإبداء رأيه فيه، أو اتخاذ القرار بشأنه ". النظام المؤرخ في 16أفريل 2012، ج.ر.ج.ج، العدد 26، الصادرة في 03 ماي 2012.
(8) - ينظر في ذلك ص 39 من الجريدة الرسمية، العدد الأول، الصادرة بتاريخ 14 جانفي 2012.
(9) - ينظر في ذلك المطة الأخيرة من نص المادة 09 من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، وكذا من نفس المادة فيما يتعلق بمجلس الأمة.
(10) - عبد المالك بن حبليس، المجلس الدستوري تنظيم واختصاص، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر، 1990، ص 76، 77.
(11) - ينظر تفصيل لذلك، عمار عباس ونفيسة بختي، تأثير النظام الإجرائي على رقابة المجلس الدستوري وسبل إصلاحه، مجلة الدراسات القانونية، مركز البصيرة للبحوث والاستشارات، العدد02، الجزائر، أوت 2008، ص 31 وما بعدها.
(12)- تنص المادة 181 من الدستور الحالي على أنه:" المؤسسات الدستورية وأجهزة الرقابة مكلفة بالتحقيق في تطابق العمل التشريعي والتنفيذي مع الدستور، وفي ظروف استخدام الوسائل المادية والأموال العمومية وتسيرها ".
(13)- ذلك هو مفاد نص المادة 02/2 من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري. وما يؤكد هذه الفرضية، المادة سالفة الذكر التي وردت ضمن الفصل الأول من أحكام الباب الأول، فيما يتعلق بقواعد عمل المجلس الدستوري، والمعنون برقابة مطابقة القوانين العضوية والنظامين الداخليين لغرفتي البرلمان للدستور.
(14) - إن المجلس الدستوري مقيد بالفصل في موضوع الرقابة خلال 30 يوم أو 10 أيام أو 4 أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة الموالية لتاريخ الإخطار حسب تفصيل نص المادة 189 من الدستور الحالي .
(15) - جبار عبد المجيد، المقال السابق، ص 67.
(16) - رأي المجلس الدستوري 02/ ر.م.د/12 المؤرخ في 08 جانفي 2012، يتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي المتعلق بالإعلام، للدستور. ج.ر.ج.ج العدد 02 الصادرة في 15 جانفي 2012، ص 19.
(17) - كان ذلك بمناسبة رأيه المؤرخ 17 جوان 2005، والمتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي رقم 05/10 المؤرخ في 17 جوان 2005 المتعلق بالتنظيم القضائي، للدستور، ج.ر.ج.ج، العدد 51 الصادرة بتاريخ 20 جوان 2005.
(18) - ذلك أن ما ورد على - سبيل المثال – ضمن رأي المجلس الدستوري، المؤرخ في 06 جويلية 2011 والمتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي رقم 98/01 والمتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله، للدستور. وبالتحديد فإن أحد أوجه رقابة المجلس الدستوري من خلال رأيه هذا، يتضح فيما يخص عدم الاستناد إلى المادة 152 من الدستور في الفقرة 2، و3 منها.(تقابلها نص المادة 171 من الدستور الحالي) باعتبارها تتعلق بمواضيع تدخل ضمن القانون العضوي موضوع الإخطار، وفق ما رآه المجلس الدستوري. فعبارة نصوص خاصة الواردة ضمن الفقرات 9، 10، 11 من المادة 02 من القانون موضوع الإخطار، والمتعلقة بالاختصاصات القضائية لمجلس الدولة. وعليه صرح المجلس الدستوري صراحة:"... واعتبارا أن المادة 153 من الدستور تنص: يحدد قانون عضوي تنظيم المحكمة العليا ومجلس الدولة ومحكمة التنازع، وعملهم واختصاصاتهم الأخرى. (والتي تقابلها نص المادة 172 من الدستور الحالي).
واعتبارا أن المؤسس الدستوري قد حدد بعض اختصاصات مجلس الدولة، وأحال تحديد اختصاصات أخرى لمجال القانون العضوي... واعتبارا بالنتيجة، اعتماد اختصاصات أخرى لمجلس الدولة، بالإحالة إلى نصوص خاصة، بدون تحديد طابع ومضمون هذه النصوص، يكون المشرع العضوي قد أغفل مجال اختصاصه في هذا الموضوع. غير أنه إذا كانت عبارة نصوص خاصة، المستعملة من طرف المشرع، القصد منها هو نصوص تكتسي نفس طابع القانون موضوع الإخطار، وأن موضوعه ذو علاقة بهذا القانون العضوي، فإن الفقرات الأخيرة من المواد 9 10، 11 تعد مطابقة للدستور شريطة مراعاة هذا التحفظ. ينظر في ذلك ج.ر.ج.ج، العدد 43 المؤرخة في 03 أوت 2011، ص 05.
(19) - دعاء الصاوي يوسف، القوانين الأساسية وعلاقتها بالسلطة والحريات، أطروحة دكتوراه، جامعة القاهرة، 2008، ص 567.
(20)- يمكن استنتاج ذلك من خلال رأيه حول مدى مطابقة القانون العضوي المحدد لكيفيات توسيع حظوظ تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة. حيث أنه ولتجسيد الأهداف الدستورية، المستمدة من روح المادتين 31 و31 مكرر من الدستور والمقصود منها مبدأ المساواة، فإن ذلك مقتضاه أن يكون كل نص قانوني، ذي صلة بموضوع القانون العضوي موضوع الإخطار، وتحت طائلة التصريح بعدم مطابقته للدستور منصبا وجوبا في اتجاه ترقية الحقوق السياسية للمرأة، وليس في اتجاه تقليصها. ينظر في ذلك ص 44 من العدد الأول للجريدة الرسمية لسنة 2012. فعبارة "تحت طائلة التصريح بعدم مطابقته للدستور" حسب ما تبناه المجلس الدستوري في رأيه، توحي بأن هناك إمكانية لفحص مطابقة التشريعات العادية ذات الصلة بالقانون العضوي، وفق ما تفيده العبارة السابقة، قبل صدورها. خاصة مع تصور وجود قوانين عادية يكون الغرض منها ترقية تلك الحقوق للمرأة، باعتبار أن القانون العضوي قد يحتاج إلى ذلك النوع من التشريعات، لتفصيله أكثر.
(21) - نصت المادة 24 من القانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي، قبل تصريح المجلس الدستوري بعدم مطابقتها للدستور على أنه:" يمكن إنشاء أقطاب قضائية متخصصة ذات اختصاص إقليمي موسع لدى المحاكم.
يتحدد الاختصاص النوعي لهذه الأقطاب حسب الحالة، في قانون الإجراءات المدنية، أو قانون الإجراءات الجزائية ".
(22)- ينظر في ذلك كل من المادة الثانية من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري، لاسيما فيما يتعلق بعدم المطابقة الكلية، أو الجزئية للقانون العضوي، لما نص عليه الدستور.
(23)- جبار عبد المجيد، المقال السابق، ص 72.
(24) - ينظر في ذلك، عبد العزيز محمد سالمان، رقابة دستورية القوانين، دار الفكر العربي، الإسكندرية، 1995، ص 95 .
(25)- جبار عبد المجيد، الرقابة الدستورية للقوانين العضوية، المرجع السابق، ص 74.
(26)- فبمناسبة رأيه حول مدى مطابقة القانون العضوي المحدد لكيفيات توسيع حظوظ تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة أعاد صياغة عنوان كل من عنوان القانون والمادة الأولى منه. على اعتبار أن القانون العضوي موضوع الإخطار جاء تحت عنوان "كيفيات توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة "، دون الإشارة إلى عبارة "الحظوظ". ج.ر.ج.ج، العدد الأول لسنة 2012، ص 43، 45.
(27)- رأي المجلس الدستوري المتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية للدستور، ج.ر.ج.ج، العدد 02 لسنة 2012 ، ص 08.
(28)- تنص المادة 124 من الدستور على أنه:" النائب أو عضو مجلس الأمة مسؤول أمام زملائه الذين يمكنهم تجريده من مهمته النيابية، إن اقترف فعلا يخل بشرف مهمته.
يحدد النظام الداخلي لكل واحدة من الغرفتين، الشروط التي يتعرض فيها أي نائب، أو عضو مجلس الأمة للإقصاء، ويقرر هذا الإقصاء حسب الحالة المجلس الشعبي الوطني، أو مجلس الأمة بأغلبية أعضائهما، دون المساس بجميع المتابعات الأخرى الواردة في القانون ".